21 - 06 - 2024

مؤشرات | الحرب والفساد في الصراع الروسي الأوكراني .. من ينتصر؟!

مؤشرات | الحرب والفساد في الصراع الروسي الأوكراني .. من ينتصر؟!

بعد أيام يمر عام كامل على نشوب الحرب الروسية الأوكرانية والتي تطورت بنوع من التدخل الغربي الأمريكي فيها بشكل غير مباشر، بمد أوكرانيا بالسلاح، فيما تم تجاهل دعوات جهود الحل الدبلوماسي، من تلك الدول التي يهمها إشعال مزيد من نيران الحرب، من أجل مصالح خاصة، تتعلق بتركيع روسيا وفقط،، وإخراجها من دائرة الصراع على قيادة العالم، وحتما ليس تدخل الأمريكان من أجل نصر أوكرانيا.

ومع طول أمد المعارك ظهر وجه آخر للحرب وهو الفساد والذي ينخر في الجسد الأوكراني وبرز في القطاع العسكري، ومع طول شهور الحرب، والتي من الصعب التكهن بإنتهائها، ولا بيوم تصمت فيه المدافع، برز الفساد بشكل أوسع نطاقا.

ومن يوم 24 فبراير يبدأ العام الثاني لهذه الحرب التي دخلت مرحلة العبثية من وجهة نظر كثيرين، وسعت أطراف كثر إلى مد أمدها ليس إلا بهدف توسيع دائرة الحصار على روسيا، والتي يرى البعض أنها تورطت في مستنقع تسعى واشطن وأطراف أوروبية لتعميقه، بهدف مزيد من الإستنزاف.

وفي المقابل مازال الروس حتى اللحظة يحققون واقعا على الأرض مختلفا عما يروجه الغرب، وتتمسك موسكو بحقها في توفير غطاء لأمنها الإستراتيجي، وتوفيرحدود آمنة مع أوروبا، وإبعاد الأيادي الغربية الأمريكية عن حدودها في أوكرانيا، بالسيطرة على البلطيق والتي ستقوي قبضة موسكو على دول البلطيق، وفقا لإعتقادها.

وخرجت "فيكتوريا نولاند"، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون السياسية، لتقول لأن بلادها ترى أن القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، يجب أن تكون منزوعة السلاح على الأقل، وإن واشنطن تدعم الهجمات الأوكرانية على أهداف عسكرية في شبه الجزيرة.

فردت موسكو بالقول بأنها تتهم الولايات المتحدة بتحريض أوكرانيا على تصعيد الحرب بدعم الهجمات على شبه جزيرة القرم، محذرة من أن واشنطن تتورط الآن بشكل مباشر في الصراع لأن "المجانين" يحلمون بهزيمة موسكو، وفقا لتصريحات "ماريا زخاروفا" المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، للصحفيين، مضيفة  "الآن ذهب دعاة الحرب الأمريكيون إلى أبعد من ذلك، إنهم يحرضون نظام كييف على تصعيد الحرب أكثر، ويزودون أوكرانيا بأسلحة بكميات ضخمة ويقدمون معلومات استخباراتية ويشاركون بشكل مباشر في التخطيط للعمليات القتالية".

ولاشك أن كل ذلك هو بهدف إطالة أمد حرب أرهقت كل الأطراف، وفتح مجال لفساد أكبر وأوسع، من تجار الحروب والسلاح، وأصيب العالم بحالات تضخم إقتصادي، بل شيح الركود يتسع، وأضيرت أطراف ليست لها أية علاقة بهذه الحرب، والأهم هو بروز حالة فساد من المستفيدين في الداخل الأوكراني، وربما بمساعدات من الخارج.

وهناك خشية أن تتسع دائرة الفساد في العام الثاني للحرب، مع توقعات بحالات توسع أكبر مع إطالة أمدها، بعدما كشفته صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" قبل أسابيع من أن  شركة "بيكار" التي تنتج طائرات مسيرة تخلت عن بناء مصنع للطائرات بدون طيار بالقرب من كييف بعد طلب رشوة بقيمة 10 ملايين دولار من مسئولين أوكران.

وهذا الطلب التي يتفق الجميع على وقاحته، تؤكد الوقائع، أن انتصار الفساد في أوكرانيا، فقد قال "هالوق بيرقدار"، الرئيس التنفيذي للشركة التركية للتصنيع العسكري "بيكار" "إن مسؤولين في أوكرانيا ابتزوه بطلب مبلغ 10 ملايين دولار مقابل ربط المصنع المستقبلي بشبكة الكهرباء، علاوة على فترة عامين من أجل الحصول على التراخيص اللازمة لتشغيل المصنع، وهو تعبير عن عمق توغل الفساد مع الحرب.

ولإحتواء الفساد سعى الرئيس الأوكراني " فولوديمير زيلينسكي" إلى إجرء تغييرات في المؤسسة العسكرية، بتعيين اللواء "كيريلو بودانوف" وزيرا جديدا للدفاع والذي كان يشغل رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية ، ليخلف "أولكسي ريزينيكوف"، الذي تم تعيينه وزيرًا للصناعات الاستراتيجية.

وذلك في أعقاب إعلان مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا، وإصدار المحكمة أمرا باحتجاز "فياتشيسلاف شابوفالوف" نائب وزير الدفاع السابق في أعقاب إستقالته، للاشتباه في تورطه في فساد، وضلوعه في شراء مواد غذائية للوزارة بأسعار مبالغ فيها ومعدات منخفضة الجودة للجيش الذي يتصدى للقوات الروسية.

كما تم اعتقال "جماعة إجرامية" اتهمها مكتب التحقيقات باختلاس أموال الدولة من خلال المغالاة في سعر بيع البيض ومواد غذائية أخرى لمسؤولي الدفاع، تزامنا مع حملة واسعة النطاق على الفساد قبل زيارة لأوكرانيا قام بها مسؤولون كبار في الاتحاد الأوروبي، الذي يشترط اتخاذ إجراءات ضد الفساد لضم أوكرانيا للاتحاد.

وأقالت الحكومة الأوكرانية، بأمر من رئيس الوزراء الأوكراني "دينيس شميهال"،  أيضا "فاسيل لوزينكيتش " نائب وزير تنمية البلديات والأقاليم والبنية التحتية بشبهة تلقيه رشوة، فيما أعلنت وزارة الدفاع فتح تحقيق بشأن اتهامات بإبرام عقود بأسعار مبالغ فيها لمنتجات غذائية مخصّصة للعسكريين، وتلقيه 400 ألف دولار لتسهيل إبرام عقود شراء معدات ومولدات بأسعار ليست واقعية.

وأقال الرئيس الأوكراني أيضا "رسلان دجوبا" من منصبه كنائب قائد للحرس الوطني، مؤكدا العمل على ضمان نقاء عمل الهياكل التنظيمية لمؤسسات الدولة، وإنفاذ القانون لمناقشة سبل حماية المؤسسات من محاولات من الخارج أو الداخل لتقليل فعاليتها وكفاءته، وستواصل الدولة تحديث المؤسسات نفسها. 

كما أكد وزير الدفاع الأوكراني بأن مئات المسؤولين في الوزارة أو القوات المسلحة أحيلوا لتحقيقات تأديبية خلال العام الماضي بعد عمليات تدقيق داخلي، فلا تسامح مطلقاً مع الفساد.

ورغم ذلك مازال الفساد يطل برأسه، بل هناك مخاوف من أين يكون الفساد وراء ما حذر منه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) "ينس ستولتنبرج"  من أن القوات الأوكرانية تستهلك كمية ذخائر أكبر بكثير من تلك التي تنتجها الدول الأعضاء في الحلف التي ينبغي عليها حتما زيادة إنتاجها"،.. والتساؤل ماذا وراء ذلك، ومن المستفيد وأن سماسرة الحروب والسلاح من ذلك؟.. أسئلة تشير إلى أن الفساد في طريقه للإنتصار، وربما يكون المنتصر.
-----------------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | مشاكل ماسبيرو والصحافة والجراحة المشرطية





اعلان